الحلقة الأولى :
أولاً : مقتطفات من سيرة إمامنا مالك رضي الله عنه:
بادئ ذي بدء كنت أريد أن جعل هذا المحتوى هو في ترجمة إمامنا , إلا إنني أضربت صفحا عنها ؛ لأن الكثير قرأ ويعرف من هو الإمام مالك :
نسب كأن عليه من شمس الضحى * نورا ومن فلق الصباح عمودا
فأحببت أن أذكر جملة من بعض صفاته و أخلاقه و طلبه للعلم وتعليمه له على شكل فِقرات , وقد اقتصرت على ما أُراه مهما من الناحية العلمية والسلوكية , فما أحوج طلاب العلم للأدب هذا الزمان مع العلماء , والله المستعان.
ولد عام 93 هـ وهو العام الذي توفي فيه سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه.
كان يأخذ إطار شاربه ولا يحلقه ولايحفيه .
قال عنه ابن عيينة إنه هو عالم المدينة الوارد ذكره في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأطبق العلماء على ذلك.
كانت أمه تعممه وتقول له : اذهب فتعلم من أدب ربيعة قبل علمه.
اعتنى إمامنا بلقيا أجلة التابعين كنافع والزهري وابن دينار المدني وأيوب وغيرهم, وهذه –والله- سلسلة ذهب تكفي لرجحان فقه مالك.
روى عنه شيوخه كالزهري , وأقرانه كالليث بن سعد.
قال عنه ابن المبارك : ( لو قيل لي اختر للأمة إماماً , اخترت لها مالكا )
أصابته محنة فصبر وثبت وضُرب , فجعل ضاربه في حل .
أجل مؤلفاته الموطأ , ألفه واعتنى به , فكان يدقق أحاديثه , ويمحو بعضها , حتى لا يخرج حديث للناس إلا وهو صحيح .
لما تسامع الناس في المدينة بنيته لتأليف الموطأ , قصد كثير من العلماء تأليف مثله , فقال رحمه الله : ستعلمون غداً الذي أريد به وجه الله .
سبب كثرة الراوية عنه رضي الله عنه نشره للعلم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم , كما نبه على ذلك العلائي.
طلابه رضي الله عنه لايحصون , وقد حاول القاضي عياض ذكر من تتلمذ عليه وسمع منه , ولا بأس أن أذكر جملة من أشهرهم :
علي بن زياد التونسي , وابن القاسم ( قال عنه مالك: ابن القاسم فقيه), و ابن وهب ( كان مالك إذا كتب إليه يقول :إلى عبدالله بن وهب مفتي أهل مصر , ولم يفعل هذا مع غيره), وابن الماجشون , و أسد بن الفرات , ويحيى بن يحيى الليثي ( عاقل الأندلس ) , وزياد بن عبد الرحمن الملقب شبطون , ومطرف .
كان له هيبة في حلقته , ولا يحب المسائل الافتراضية .
كان يُجل أبا حنيفة رحمه الله ويقدره , وفي هذا يراجع انتصار الفقير السالك.
توفي الإمام مالك رضي الله عنه بالبقيع صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة 179هـ , رضي الله عنه ورحمه وجزاه عنا وعن الإسلام خير الجزاء .