ترجمة إمام المالكية الشيخ زروق الإمام الولي الصالح 846 - 899 هـ :
--------------------------------------------------------------------------------
ترجمة إمام المالكية الشيخ زروق الإمام الولي الصالح 846 - 899 هـ :
قال الإمام ابن العماد الحنبلي في ترجمته في شذرات الذهب مانصه
قال المناوي في طبقاته عابد من بحر العبر يغترف وعالم بالولاية متصف تحلى بعقود القناعة والعفاف وبرع في معرفة الفقه والتصوف والأصول والخلاف خطبته الدنيا فخاطب سواها وعرضت عليه المناصب فردها وأباها ولد سنة ست وأربعين وثمانمائة ومات أبوه قبل تمام أسبوعه فنشأ يتيما وحفظ القرءان العظيم وعدة كتب وأخذ التصوف عن القوري وغيره وارتحل إلى مصر فحج وجاور بالمدينة وأقام بالقاهرة نحو سنة واشتغل بها في العربية والأصول على الجوجري وغيره وأخذ الحديث عن السخاوي -إلى أن يقول - فكتب على الحكم نيفا وثلاثين شرحا وعلى القرطبية في فقه المالكية وعلى رسالة ابن أبي زيد القيرواني عدة شروح كلها مفيدة نافعة فصول السلمي أرجوزة وشرح كتاب صدور الترتيب لشيخه الحضرمي بن عقبة وشرح حزب البحر للشاذلي وشرح الأسماء الحسنى جمع فيه بين طريقة علماء الظاهر والباطن وكتاب قواعد الصوفية وأجاده جدا ومن كلامه المؤمن يلتمس المعاذير والمنافق يتتبع المعايب والمعاثير والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه -إلى أن قال - وقال كل علم بلا عمل وسيلة بلا غاية وعمل بلا علم جهالة
وقال في كفاية المحتاج
أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي شهر بزروق الإمام العلامة الفقيه المحدث الصوفي الولي الصالح القطب الغوث العارف بالله الرحلة المشهور شرقا وغربا ذو التآليف العديدة المفيدة والمناقب العتيدة الحميدة ولد كما قال يوم الخميس طلوع الشمس الثامن والعشرين من المحرم عام ستة وأربعين وتوفي أبواه قبل السابع فكفلته جدته فحفظ القرءان وتعلم الخرازة ثم اشتغل بالعلم في السادس عشر من عمره فقرأ الرسالة على عبد الله الفخار وعلى السطي بحثا وتحقيقا ثم أخذ على القوري والزرهوني والمجاصي والأستاذ الصغير والتصوف على عبد الرحمن المجدولي والقوري وقرأ عليه البخاري وأحكام عبد الحق الصغرى والترمذي وغيرهم وصفه ابن غازي بالفقيه المحدث الفقير الصوفي الصفي البرنسي نسبة لعرب بالمغرب بضم الراء ومن شيوخه عبد الرحمن الثعالبي والمشدالي وإبراهيم التازي وحلولو والرصاع والخدري وأحمد بن سعيد الحباك وأبو مهدي الماواسي والسنوسي والتنسي وبالشرق عن السنهوري والحافظين الشيخ عثمان الديمي والسخاوي والوليين أحمد بن عقبة الحضرمي والشهاب الإبشيطي وءاخرين وله تآليف كثيرة مختصرة محررة محققة مفيدة كشرح الرسالة وشرح الإرشاد وشرح مواضع من مختصر خليل رأيتها بخطه وشرح القرطبية والوغليسية والغافقية والعقيدة القدسية للغزالي ونيف وعشرون شرحا على حكم ابن عطاء الله وقفت منها على السابع عشر والخامس عشر والرابع عشر وشرح حزب البحر وشرح مشكلات الحزب الكبير وشرح حقائق المقري وشرح قطع الششتري وشرح الأسماء الحسنى وشرح المراصد لشيخه ابن عقبة والنصيحة الكافية ومختصرها وإعانة المتوجه المسكين على طريق الفتح والتمكين وقواعد في التصوف في غاية النبل والحسن والنصح الأنفع والجنة للمعتصم من البدع بالسنة وعمدة المريد الصادق من أسباب المقت في بيان الطريق وحوادث الوقت كتاب جليل فيه مائة فصل في بدع فقراء الوقت وتعليق لطيف على البخاري في ضبط الألفاظ وجزء صغير في علم الحديث ورسائل كثيرة لأصحابه في ءاداب ومواعظ وحكم ولطائف وبالجملة فقدره فوق مايذكر فهو ءاخر أيمة الصوفية المحققين الجامعين للحقيقة والشريعة له كرامات وحج مرات وأخذ عنه خلق كالشهاب القسطلاني والشمس اللقاني والحطاب الكبير وطاهر القسطنطيني في ءاخرين توفي ببلاد طرابلس الغرب في صفر عام تسعة وتسعين وثمانمائة ثم ذكر ثلاثة أبيات من تائيته المشهورة وهي
أنا لمريدي جامع لشتاته ** إذا ما سطا جور الزمان بنكبة
وإن كنت في كرب وضيق وكربة ** فناد أيازروق ءات بسرعة
فكم كربة تجلى بمكنون عزنا ** وكم طرفة تجنى بأفراد صحبتي
ثم قال وقد ذكرنا في الأصل شيئا من كلامه ويذكر عن شيخه زيتون أنه قال فيه إنه رأس السبعة الأبدال نفعنا الله به انتهى كلام الشيخ أحمدباب في كتاب كفاية المحتاج
وقال الإمام أحمد بن محمد بن أبي العافية المكناسي المعروف بابن القاضي960 - 1025 هـ في كتابه جذوة الإقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس مانصه
أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الشهير بزروق الفقيه الإمام الولي الصالح صاحب التآليف الحسنة في الفقه والتصوف وغيرذلك أخذ بمدينة فاس عن الإمام محمد القوري وعن جماعة حسبما في فهرسته والبرنسي نسبة إلى البرانس قبيلة من البربر بين مدينة فاس وتازة وبمجاورتهم قبائل لاتحصى من البربر ولد بمدينة فاس المحروسة عند طلوع الشمس من يوم الخميس الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وأربعين وثمانمائة وحج أول حجة بمئة وسبعين دينارا وكان والده قد سماه محمدا فلما توفي سموه باسم أبيه أحمد وإنما كان يقال له زروق لأن جده كان أزرق العينين وأخذ عن خاله أحمد بن محمد الفشتالي وكان عارفا بالفقه وغيره وعن الإمام الزرهوني والمجاصي والأستاذ الصغير وأخذ التصوف عن عبد الرحمن المجدولي وهو أحد تلامذة الأبي وله على حكم ابن عطاء الله كتب وشرح القرطبية في الفقه وأصول الدين وأخذ عن عبد الرحمن الثعالبي وعن أحمد بن عبد الرحمن اليزليتي وعن القوري وأخذ عن إبراهيم التازي والمشدالي وأحمد بن سعيد الحباك والرصاع والتنسي والسنوسي وابن زكري المغراوي التلمساني وعن أبي مهدي عيسى الماواسي وبالمشرق عن جماعة منهم علي السنهوري والحافظ الديمي والحافظ السخاوي والقطب أحمد بن عقبة الحضرمي وشهاب الدين الإبشيطي وله قصيدة يذكر فيها حاله وتآليفه كثيرة جدا يميل فيها إلى الإختصار والتحرير منها شرحان على الرسالة وشرح الإرشاد وشرح مختصر الشيخ خليل وشرح المقدمة الوغليسية وشرح الغافقية وشرح العقيدة القدسية ونيف وعشرون شرحا على حكم ابن عطاء الله وشرحان على حزب البحر للشاذلي وشرح الحزب الكبير وشرح الحقائق والرقائق للمقري - إلى أن يقول - وشرح قطع الششتري وشرح الأسماء الحسنى وكتاب النصيحة الكافية لمن خصه الله بالعافية ومختصره وإعانة المتوجه المسكين على طريق الفتح والتمكين وكتاب القواعد في التصوف ومنها في البدع ككتاب النصح الأنفع والجنة للمعتصم من البدع بالسنة وكعمدة المريد الصادق وله الأصول في الفصول وكناشة وشرح نظم ابن البناء المالقي وله تعليق على البخاري فيما سمعت وله رسائل كبيرة وهو ءاخر الناس في التصوف ظهرت له كرامات وحج مرارا أخذ عنه جماعة بالمشرق وغيره كالشيخ محمد بن عبد الرحمن الحطاب والشيخ زين الدين طاهر القسطنطيني نزيل مكة وجماعة ءاخرون توفي سنة تسع وتسعين وثمانمائة بأزليتن من قرب طرابلس الغرب بين تاجورا وقصر أحمد وقبره هناك مزار
قلت وقول ابن القاضي المتقدم البرنسي نسبة إلى البرانس قبيلة من البربر يرده قول الإمام ابن غازي ونصه البرنسي وبرنس بنون مضمومة بعد الراء نسبة إلى عرب بالمغرب
وقال الإمام بدر الدين القرافي المولود 939 هـ في كتابه توشيح الد يباج وحلية الإبتهاج مانصه
أحمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عيسى الشهير بزروق الإمام العالم الصالح الجامع بين الشريعة والأخبار صاحب التصانيف المفيدة وصفه ابن غازي في استدعائه قائلا أخونا الأود الخلاصة الصفي الفقيه المحدث الفقير الصوفي أبو العباس البرنسي الشهير بزروق وبرنس بنون مضمومة بعد الراء نسبة إلى عرب بالمغرب انتهى قلت وأمازروق فبالزاي المفتوحة ثم الراء المشددة ثم واو ثم قاف قال صاحب الترجمة في رحلته وإنما جاءني زروق من جهة الجد رحمه الله كان أزرق العينين واكتسب ذلك من أمه قال وكانت شريفة لكني لم أتحقق نسبتها لموت أبي في مبدإ نشوئي وشرف المرء إنما هو في سلامة دينه وخلقه ومروءته ولاشرف أكبر من التقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ونص في رحلته أن مولده عند طلوع الشمس يوم الخميس ثامن عشر المحرم سنة ست وأربعين وقال إن أمه توفيت في الثالث من تاريخ ولا دته وأبوه بعد خمسة أيام فما أتى عليه السابع إلا ولا مستند له إلا الله تعالى قال في الضوء اللامع أخذ عن محمد بن قاسم بن أحمد القوري وكتب على حكم ابن عطاء الله وعلى القرطبية في الفقه وعمل فصول السلمي أرجوزة انتهى قلت وله غير ذلك من المؤلفات كشرح الرسالة وشرح الإرشاد وقطعة على مختصر الشيخ خليل وقواعد على طريق الصوفية وشرح حزب البحر للعارف أبي الحسن الشاذلي وشرح الوغليسية والنصيحة الكافية لمن حباه الله بالعافية وغيرذلك انتهى كلام الإمام البدر القرافي
قلت وله كرامات كثيرة ومنها أن قبيلة من قبائل أعراب طرابلس كانوا قطاع طريق لا تمر بهم قافلة إلا نهبوها فمر عليهم الشيخ زروق فنهبوه هو وتلامذته فنظر بعض المريدين إلى الشيخ زروق فوجده لم يتغير عليهم فقال لبعض أولئك الأعراب الذين نهبوهم انظروا إلى ذلك الشيخ عنده ذهب في سراويله فجاء البدوي إلى الشيخ زروق وقال له انزع السراويل فقال سبحان الله العورة يحرم علينا كشفها فقال له مرة ثانية انزعه وإلا قتلتك واشيخ يعظه بقوله العورة حرام علينا كشفها فتقدم البدوي إلى الشيخ فقال الشيخ للأرض ابلعيهم يا أرض فأخذتهم الأرض جميعا فصاروا يتضرعون إليه ويقولون تبنا إلى الله فقال الشيخ أطلقيهم ياأرض فأطلقتهم فخرجوا منها وتابوا جميعا وصاروا مع الشيخ زروق لم يتخلف منهم أحد وصاروا خدام الزاوية الزروقية وإلى الآن باق نسلهم يخدمون هذه الزاوية ويقال لهم خدام الزاوية الزروقية
ومن كراماته أيضا ماذكره الشيخ عبد الكريم الفكون 988 -1073 هـ عند كلامه على التعريف بالشيخ أبي حفص عمر الوزان ونصه
الفصل الأول فيمن لقيناه من العلماء والصلحاء
الشيخ عمر الوزان
فلنبدأ من أهله بشيخ الزمان وياقوتة العصر والأوان العالم العارف الرباني أبي حفص عمر الوزان نفعنا الله به وبأمثاله كان بحرا لايجارى في العلوم فقها وأصولا ونحوا وحديثا وله في طريق القوم اليد الطولى ويقال إنه دعوة الشيخ الصالح القطب الغوث أبي العباس أحمد زروق وذلك أن الشيخ المذكور أبا العباس رضي الله عنه كان متردد السفر من المغرب إلى قسطنطينة ويأتي معه قفل تجار وكان والد الشيخ أبي حفص بالباب على الخارج والداخل وكان يحسن إلى الشيخ أبي العباس ويبره ويسقط عنه ما يترتب على دخول الباب من عادة الأمراء ويضيف الشيخ أبا العباس ويكرمه وكان على هذه الحالة مدة إلى أن قدم في بعض الأيام على عادته فلم يجد والد أبي حفص بالباب كعادته فسأل عنه فأخبر أنه ولد له ولد اشتغل بوليمته فاتفق أن مشى أبو العباس إلى دار والد أبي حفص وطلب على الولد أعني سيدي أبا حفص فكان يقال إن الشيخ زروق أخذته حالة - أي حالة صوفية - إلى أن جعل الصبي أعني أباحفص على كفه وجعل يمشي به من طرف البيت إلى الطرف الآخر وهو يقول اللهم تقبله مني على أية حالة كان - إلى أن قال - وكان الشيخ أبو حفص الوزان ممن تشد له الرحال في طلب العلم وممن يفتى بأقواله وأفعاله - إلى أن قال - وسمعنا غير مرة أنه تكرر رؤياه للخضر انتهى
وقال نفعنا الله به في تائيته المشهورة
ألا قد هجرت الخلق طرا بأسرهم **لعلي أرى محبوب قلبي بمقلتي
وخلفت أصحابي وأهلي وجيرتي ** ويتمت نجلي واعتزلت عشيرتي
ووجهت وجهي للذي فطر السما ** وأعرضت عن أفلا كها المستنيرة
وعلقت قلبي بالمعالي تهمما ** وكوشفت بالتحقيق من غير مرية
وقلد سيف العز في مجمع الوغى **وصرت إمام الوقت صاحب رفعة
وملكت أرض الغرب طرا بأسرها**وكل بلاد الشرق في طي قبضة
أنا لمريدي جامع لشتاته ** إذا ما سطا صرف الزمان بنكبة
وإن كنت في هم وضيق وكربة** فناد أيازروق ءات بسرعة
وكم طرفة تجنى بمكنون عزنا** وكم كربة تجلى بأفراد صحبتي
هذا هو المعروف من هذه القصيدة المباركة البديعة وقد أدخل الناس فيها كثيرا ليس منها مما هو بعيد منها في جودة الحسن وجودة السبك فا نتبه لذلك