ترجمة الإمام سحنون عبد السلام بن سعيد – 160 – 240 هجرية :
قال أبوالعرب كان سحنون ثقة حافظا للعلم اجتمعت فيه خلال قلما اجتمعت في غيره الفقه البارع والورع الصادق والصرامة في الحق والزهادة في الدنيا والتخشن في الملبس والمطعم والسماحة وكان لايقبل من السلطان شيئا وربما وصل أصحابه بالثلاثين ديناراونحوها
قال أبوبكر المالكي وكان مع هذا رقيق القلب غزير الدمعة ظاهر الخشوع متواضعا قليل التصنع كريم الأخلاق حسن الأدب سالم الصدر شديدا على أهل البدع لايخاف في الله لومة لائم انتشرت إمامته في المشرق والمغرب وسلم له الإما مة أهل عصره واجتمعوا على فضله وتقديمه
ومناقبه كثيرة وقد ألف فيها أبو العرب التميمي كتابا مفردا
وقال سليمان بن عمران كان العلم في صدر سحنون كسورة من القرءان من حفظه
وقال أبوعلي بن البصير سحنون فقيه أهل زمانه وشيخ عصره وعالم وقته
وقال ابن القاسم ماقدم إلينا من إفريقية مثل سحنون
وقال أشهب ماقدم إلينا من المغرب مثله
وقال سليمان بن سالم دخلت مصر فرأيت بها العلماء متوافرين بني عبد الحكم والحارث بن مسكين وأبا الطاهر وأباإسحاق والبرقي وغيرهم ودخلت المدينة وبها أبومصعب والقروي ودخلت مكة وبها ثلاثة عشر محدثا ودخلت غيرها من البلدان ولقيت علماءها ومحدثيها فما رأيت بعيني مثل سحنون وابنه من بعده
وقال ابن وضاح مارأيت في الفقه مثل سحنون في المشرق
وقال أبوزيد بن أبي الغمر لم يقدم علينا أفقه من سحنون إلا أنه قدم علينا من هو أطول منه لسانا يعني ابن حبيب
وقال يونس بن عبد الأعلى هو سيد أهل المغرب فقال له حمديس أولم يكن سيد أهل المغرب والمشرق
وقال أبو العرب وكل من لقيت من أصحاب سحنون الذين سمعوا منه وسمعنا منهم عشرات من مشاهير الفقهاء والشيوخ منهم يحي بن عمر وحبيب وابن مسكين وابن أبي سليمان وابن سالم وابن الحداد وحمديس وجبلة وابن معتب وغيرهم قال ومنهم من سمع وهو أسن من سحنون ولقي أصحاب مالك وسفيان الثوري ورأى الناس في الآفاق كلهم يقولون ما رأيت أحدا مثل سحنون في ورعه وفقهه وزهده
وقال ابن حارث سمعتهم يقولون كان سحنون أفضل الناس صاحبا وأعقل الناس صاحبا وأفقه الناس صاحبا قال ابن حارث كانت هذه الصفات صفات سحنون فخلق بها أصحابه
وقال ابن حارث قدم سحنون بمذهب مالك واجتمع له مع ذالك فضل الدين والعقل والورع والعفاف والانقباض فبارك الله فيه للمسلمين فمالت إليه الوجوه وأحبته القلوب وصار زمانه كأنه مبتدأ قد انمحى ماقبله فكان أصحابه سرج أهل القيروان فابنه عالمها وأكثرهم تأليفا وابن عبدوس فقيهها وابن غافق عاقلها وابن عمر حافظها وجبلة زاهدها وحمديس أصلبهم في السنة وأعداهم للبدعة وسعيد بن الحداد لسانها وفصيحها وابن مسكين أرواهم للكتب والحديث وأشدهم وقارا وتصاونا كل هذه الصفات مقصورة على وقتهم
وقال الامام محمد بن سحنون قال لي أبي إذا أردت الحج فاقدم طرابلس وكان فيها رجال مدنيون ثم مصر وفيها الرواة ثم المدينة ثم مكة واجتهد جهدك فإن قدمت علي بلفظة خرجت من دماغ مالك ليس عند شيخك أصلها فاعلم أن شيخك كان مفرطا
وقال الشيرازي إليه انتهت الرئاسة في العلم بالمغرب وعلى قوله المعول به وصنف المدونة وعليها يعتمد أهل القيروان وحصل له من الأصحاب مالم يحصل لأحد من أصحاب مالك وعنه انتشر علم مالك بالمغرب
وقال بعضهم دخلت على الملوك وكلمتهم فما رأيت أحدا أهيب في قلبي من سحنون
وقال عيسى بن مسكين سحنون راهب هذه الأمة
وقال أبو العرب كان الذين يحضرون مجلس سحنون من العباد أكثر ممن يحضره من طلبة العلم كانوا يأتونه من أقطار الارض قال بعض أصحابه عرست فدعوت ليلة عرسي جماعة من أصحاب أصحابنا وفيهم رجل من أهل المشرق من أصحاب ابن حنبل قدم علينا وكنا نسمع منه فكان أصحابنا في أول الليلة في قراءة وبكاء وتعبد وخشوع ثم أخذوا بعد ذالك في مسائل من العلم ثم ابتدروا بعد ذالك إلى زوايا بالدار يصلون أحزابهم فقال الشيخ أصحاب من هؤلاء ومن معلمهم فوالله ما رأيت قط أنبل منهم وما صحبوا رجلا إلانبلوه فقال أصحاب سحنون فقال والله لقد رأيت العلماء عندنا بالمشرق فوالله ما رأيت مثل هؤلاء
وقال ابن عجلان الأندلسي مابورك لأحد بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مابورك لسحنون في أصحابه إنهم في كل بلد أيمة
وقال ابن حارث سمعتهم يقولون كان سحنون من أيمن العلماء دخل المغرب فكان أصحابه مصابيح في كل بلدة عد له نحو سبعمائة رجل ظهروا بصحبته وانتفعوا بمجالسه
وحكى المالكي أنه نقب بيت سحنون وهو قائم في تهجده وأخذ ماكان في البيت وهو لايشعر ثم أخذت القلنسوة من رأسه فلم يلتفت لشغله بما كان فيه
وقيل له إن يعقوب ابن المضار لايحبك فقال الحمد لله الذي لم يجمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب واحد
وقال سليمان بن سالم رأيت سحنونا إذاقرئ عليه كتاب الجهاد لابن وهب وكتاب الزهري يبكي حتى تسيل دموعه على لحيته
وقال مرة لرجل اقرأ علي وياقوم مالي أدعوكم إلى النجاة فقرأها فلما بلغ فستذكرون ما أقول لكم قال حسبك وهو يبكي
وقال سليمان بن سالم أخذ سحنون بمذهب أهل المدينة في كل شيء حتى في العيش
وقال عيسى كان سحنون صمته لله وكلامه لله إذا أعجبه الكلام صمت وإذا أعجبه الصمت تكلم
وقال سعيد بن الحارث كان أبوسعيد – يعني سحنونا – عاقلا بمرة ورعا بمرة عالما بمذاهب المدنيين بمرة
وقال أحمد بن أبي سليمان كان العلماء يأكلون طعام علي بن حميد الوزير خلا سحنون وولده فلم يكن يأتيهم ولا يأكل طعامهم
وكان مولده عام 160 هجرية وتوفي عام 240 هجرية
وقال أبوبكر المالكي لما مات سحنون رجت القيروان لموته وحزن الناس وقال سليمان بن سالم لقد رأيت يوم مات سحنون مشايخ من أهل الأندلس يبكون ويضربون خدودهم كالنساء يقولون يا أبا سعيد ليتنا نتزود منك بنظرة نرجع بهاإلى بلدنا
وقال ابن حارث أقام سؤدد العلم في دار سحنون نحو مائة عام وثلاثين عاما من ابتداء طلب سحنون وأخيه إلى موت ابن ابنه محمد بن محمد بن سحنون